سورة الغاشية - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الغاشية)


        


{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)}
اعلم أنه تعالى لما بين الدلائل على صحة التوحيد والمعاد، قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: {فَذَكّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكّرٌ} وتذكير الرسول إنما يكون بذكر هذه الأدلة وأمثالها والبعث على النظر فيها والتحذير من ترك تلك، وذلك بعث منه تعالى للرسول على التذكير والصبر على كل عارض معه، وبيان أنه إنما بعث لذلك دون غيره، فلهذا قال: {إِنَّمَا أَنتَ مُذَكّرٌ}.


{لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22)}
قال صاحب الكشاف: {بمصيطر} بمسلط، كقوله: {يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: 45] وقوله: {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس حتى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99] وقيل: هو في لغة تميم مفتوح الطاء على أن سيطر متعد عندهم، والمعنى أنك ما أمرت إلا بالتذكير، فأما أن تكون مسلطاً عليهم حتى تقتلهم، أو تكرههم على الإيمان فلا، قالوا: ثم نسختها آية القتال، هذا قول جميع المفسرين، والكلام في تفسير هذا الحرف قد تقدم عند قوله: {أَمْ هُمُ المُصَيْطِرُونَ} [الطور: 37].
أما قوله تعالى:


{إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24)}
ففيه مسائل.
المسألة الأولى: في الآية قولان:
أحدهما: أنه استثناء حقيقي، وعلى هذا التقدير هذا الاستثناء، استثناء عماذا؟ فيه احتمالان الأول: أن يقال التقدير: فذكر إلا من تولى وكفر والثاني: أنه استثناء عن الضمير في {عَلَيْهِمْ} [الغاشية: 22] والتقدير: لست عليهم بمسيطر إلا من تولى. واعترض عليه بأنه عليه السلام ما كان حينئذ مأموراً بالقتال وجوابه: لعل المراد أنك لا تصبر مسلطاً إلا على من تولى القول الثاني: أنه استثناء منقطع عما قبله، كما تقول في الكلام: قعدنا نتذكر العلم، إلا أن كثيراً من الناس لا يرغب، فكذا هاهنا التقدير لست بمسئول عليهم، لكن من تولى منهم فإن الله يعذبه العذاب الأكبر الذي هو عذاب جهنم، قالوا وعلامة كون الاستثناء منقطعاً حسن دخول أن في المستثني، وإذا كان الاستثناء متصلاً لم يحسن ذلك، ألا ترى أنك تقول: عندي مائتان إلا درهماً، فلا تدخل عليه أن، وهاهنا يحسن أن، فإنك تقول: إلا أن من تولى وكفر فيعذبه الله.
المسألة الثانية: قرئ: (ألا من تولى) على التنبيه، وفي قراءة ابن مسعود: (فإنه يعذبه).
المسألة الثالثة: إنما سماه العذاب الأكبر لوجوه:
أحدها: أنه قد بلغ حد عذاب الكفر وهو الأكبر، لأن ما عداه من عذاب الفسق دونه، ولهذا قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ العذاب الأدنى دُونَ العذاب الأكبر} [السجدة: 21].
وثانيها: هو العذاب في الدرك الأسفل في النار.
وثالثها: أنه قد يكون العذاب الأكبر حاصلاً في الدنيا، وذلك بالقتل وسبي الذرية وغنيمة الأموال، والقول الأول أولى وأقرب. ثم قال تعالى:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8